ضعف السمع الفجائي

ضعف السمع الفجائي


لا بد من اعتبار ضعف السمع الفجائي حالة طبية طارئة، ولقد تم استحداث العديد من التعريفات لضعف السمع الفجائي بناءاً على العديد من المعايير منها شدة ضعف السمع و مدة الضعف و نتائج الفحوصات السمعية و منطقة الذبذبات المتأثرة بضعف السمع.

لقد تم تصنيف العديد من الحالات على أنها ضعف سمع فجائي ومنها الاستيقاظ مع وجود ضعف في السمع أو ضعف سمع انحداري سريع على مدى أيام أوانخفاض حاد ومفاجيء في القدرة السمعية.

إن التعريف الشائع لضعف السمع الفجائي هو ضعف سمع حسي عصبي بدرجة أكبر من 30 ديسيبل على ثلاث ذبذبات متتالية.

قد يكون ضعف السمع فورياً بحيث يلاحٍظ المصاب حدوث صوت عالي قبل اختفاء السمع، وقد يصاحب دوار وطنين في الأذن حالات ضعف السمع الفجائي، وتكون الإصابة في غالبية الحالات في أذن واحدة.

تتدرج شدة ضعف السمع من البسيط إلى الشديد وقد تشمل مناطق مختلفة من الذبذبات الصوتية، وقد يكون ضعف السمع مؤقتاً أو دائماً، ولكن ولحسن الحظ تبقى احتمالات تحسن السمع جيدة.

إن ضعف السمع الفجائي هو غالباً ما يكون عرضاً لمرض وليس مرضاً بحد ذاته، وهو ناتج عن إصابة في النظام السمعي سببها العديد من الحالات منها التصلب المتعدد في الجهاز العصبي multiple sclerosis والزهري syphilisو النكاف mumps و الأدوية السامة للأذن و الأورام وإصابات الرأس وغيرها.

ومع ذلك لا يزال ضعف السمع الفجائي يعتبر على أنه ذاتي العلة أو مجهول السبب، ولابد من التأكد من عدم وجود أي من الحالات المسببة للإصابة بضعف سمع فجائي وذلك قبل تشخيص الحالة على أنها ذاتية العلة ومن غير سبب محدد.

وتم تحديد أربعة احتمالات مسببة لضعف السمع الفجائي هي: الالتهابات الفيروسية و الاضطرابات الوعائية و تمزق في أغشية الأذن الداخلية والأمراض ذاتية المناعة.

إن الالتهابات الفيروسية هي أكثر المسببات شيوعاً لحالات ضعف السمع الفجائي، ولقد أثبتت الدراسات بأن فيروس الحلأ البسيط Herpes Simplex virus هو المسبب الرئيسي لضعف السمع الفجائي. ومن الفيروسات الأخرى التي قد ينتج عنها الإصابة بضعف السمع الفجائي: فيروس الحمة المضخمة للخلايا cytomegalovirus (CMV) والأنفلونزا و الحصبة و النكاف والحصبة الألمانية. ولا يوجد علاج مباشر لهذه الحالات ومع ذلك يتم استخدام العديد من العقاقير والتي تساهم في تحسين الحالة.

تنتج الاضطرابات الوعائية أو انخفاض التروية الدموية للأذن الداخلية عن انسداد في الشرايين أو نزيف شرياني أو ورم وعائي. وبتوفير العلاج المناسب تكون احتمالات تحسن ضعف السمع جيدة.

يحدث التمزق الغشائي في الأذن الداخلية في منطقة ضعيفة في الأذن الداخلية والتي تنفجر مسببة تسرب سائل اللمف الداخلي الغني بالبوتاسيوم إلى التجويف الممتليء بسائل اللمف المحيطي وبالتالي الوصول للخلايا الشعرية وتدميرها مسببة ضعف سمع فجائي. وفي غالبية الحالات تلتئم حالات التمزق الغشائي ويعود معظم أو جزء من القدرة السمعية للحالة الأساسية قبل الإصابة.

لقد اكتسب ضعف السمع الحسي العصبي الناتج عن مرض مناعي اهتمام العديد من العلماء على مدى السنوات، وهو يسبب ضعف سمع حسي عصبي انحداري. ومن الأمثلة على أمراض أجهزة المناعة المسببة لضعف سمع فجائي: متزامنة كوجن Cogan’s syndrome ومرض الذأبة Lupus. ويطلق على مرض ذاتي المناعة الذي يؤثر على القوقعة اسم "مرض الأذن الداخلية الذاتي المناعة".

إن السيرة المرضية للمصاب بضعف السمع الفجائي هي أكثر المصادر غنى بالمعلومات عن الأسباب المحتملة والمسببة لضعف السمع الفجائي، ولذلك فلا بد من الحصول على سيرة مرضية مكثفة لتحديد السبب وراء الإصابة بضعف السمع الفجائي. وإذا تم استبعاد جميع الأسباب الممكنة لحدوث ضعف السمع الفجائي، يتم تشخيص الحالة على أنها ذاتية العلة ومن غير سبب معروف.

تتحسن ثلث حالات الإصابات بضعف السمع الفجائي نهائياً وبدون أي علاج، وقد تتحسن بعض أو معظم القدرة السمعية للثلث الثاني لحالات ضعف السمع الفجائي مع العلاج المناسب. أما الثلث الأخير فيبقى مصاباً بضعف سمع دائم سواء أتم معالجته أم لا.

وتؤثر درجة ضعف السمع بشكل كبير على احتمالات التحسن في حالات ضعف السمع الفجائي الذاتي العلة. وإن صاحب الحالة أعراض اضطرابات في جهاز التوازن أو كان المصاب من ذوي الفئة العمرية الكبيرة فتصبح احتمالات التحسن أقل بكثير.


ومن الفحوصات الممكن إجراؤها لتحديد سبب الإصابة بضعف السمع الفجائي: الفحوصات المخبرية و التصوير بالرنين المغناطيسي، والفحوصات السمعية (فحص مستوى السمع، فحص السمع الدماغي وفحص الانبعاث القوقعي).

لا يوجد نظام علاجي محدد لحالات ضعف السمع الفجائي، وقد يتم بناء خطة العلاج على أساس طريقة منطقية تعتمد على المعلومات المتوفرة من السيرة المرضية و الفحص البدني، والفحوصات المخبرية.

وفي حال عدم توفر سبب محدد للمشكلة فلا بد من اعتماد نظام علاجي مبني على أساس أكثر العوامل المسببة توفراً.

ويعتبر علاج “Prednisone” من مجموعة الستيرويدات steroids أكثر العقاقير فعالية في علاج حالات ضعف السمع الفجائي، ومع ذلك تعتمد نسبة التحسن على شدة ضعف السمع بشكل أساسي. ومن الأمثلة على العقاقير الأخرى والمستخدمة في علاج حالات ضعف السمع الفجائي: الأدوية الموسعة للأوعية vasodilators و الأدوية ضد الالتهابات anti-inflammatory agents و الأدوية المضادة للحمات antiviral agents، والأدوية المدرة للبول diuretics وغيرها الكثير.

وبما أن التحسن في القدرة السمعية في حالات ضعف السمع الفجائي تعتمد على التشخيص المبكر والعلاج المبكر، فلا بد أن يقوم كل شخص يلاحظ حدوث ضعف سمع مفاجيء، وبغض النظر عن وجود أعراض مصاحبة للحالة، بالتوجه إلى الطبيب المتخصص للمعاينة والتشخيص خلال الثماني والأربعين ساعة الأولى من حدوث الإصابة، وذلك لأن العديد من الأشخاص يقومون بتجاهل الأعراض لأيام عدة قبل التوجه للجهات المعنية للحصول على المساعدة والعلاج، في الوقت الذي يصبح فيه أي علاج متأخراً وتكون احتمالات التحسن للقدرة السمعية لهؤلاء الأشخاص معدومة.

د.رانية أبوالرب
أخصائية سمع



qut hgslu hgt[hzd hgsgu