إدراك الصوت العالي والخافت

يبحث الأهل والمعلمون وغيرهم عن طرق لتعليم أولادهم من ضعاف السمع اللغة، التي تعد أهم وسائل التواصل في حياة البشرية، ولكي يقدم موقعنا بعض البرامج في المستقبل القريب –إن شاء الله- تساهم في تطوير اللغة، كان لابد من وضع مقتطفات علمية ومقالات ذات صلة في أهمية دراسة الصوت والسمع بشكل عام ودقيق لكي يستطيع الأهل فهم المشكلة التي يعانيها أولادهم من ضعاف السمع لتساهم في تطوير الآباء ليكونوا مدربين لأطفالهم.
المراكز السمعية في القشرة المخية:
إن المراكز السمعية لا توجد على السطح الخارجي للقشرة المخية، ولكنها توجد داخل شقين عميقين في كل فص من الفصين الصدغيين، وهي تتلقى مدخلاتها السمعية من الألياف العصبية التي تخرج من النواة الركبية الأنسية (الداخلية). وتتكون المراكز السمعية في كل فص صدغى في منطقتين رئيسيتين، ومناطق أخرى معاونة لهما. فالمنطقتان الرئيستان هما المنطقة رقم 41 والتي تسمى المنطقة السمعية الأولية، والمنطقة رقم 42 والتي تسمى المنطقة السمعية الثانوية، وأما المناطق المعاونة لهما فهي المنطقة رقم 22 التي تختص بإدراك الحديث، والمناطق الأخرى المجاورة للمنطقتين السمعيتين الأولية والثانوية. والجدير بالذكر أن خلايا المراكز السمعية مرتبة ترتيبا نغميا حسب الحساسية لترددات الأصوات مثل جميع خلايا العصب السمعي، ولذلك تقع الخلايا العصبية التي تستجيب لتردد معين متجاورة في مكان واحد بالمراكز السمعية، وهذا يعني أن كل خلية عصبية في المراكز السمعية لا تستجيب إلا لتردد محدد من ترددات الصوت. وهناك بعض الخلايا في المراكز السمعية لا تستجيب إلا للنغمات النقية فقط، وبعضها الآخر لا يستجيب إلا للنغمات المعقدة، وعلى أية حال فإن كل خلية في المراكز السمعية تتصل بخلية شعرية في الأذن الوسطى ولذلك لا تستجيب هذه الخلية العصبية التي توجد في المراكز السمعية إلا للتردد الصوتي الذي تستجيب له الخلية الشعرية التي تتصل بها.
إدراك الصوت:
إن الطاقة التنبيهية لحاسة السمع هي الطاقة الميكانيكية (الصوت)، وأدنى قدر من الصوت الذي يسمح بتنبيه الأذن يطلق عليه العتبة المطلقة للصوت. والأذن ذات السمع الطبيعي تكون حساسة للأصوات التي يتراوح تردد موجاتها الصوتية ما بين 2000 إلى 5000 هيرتز، ولكنها تكون أشد حساسية للأصوات التي يتراوح تردد موجاتها بين 3000 إلى 4000 هيرتز، كما أن شدة الأصوات تؤثر على إدراكها لذلك يصعب على الفرد سماع وإدراك الأصوات الضعيفة جدا أو الشديدة جدا.
وتؤثر كل من مدة انبعاث الصوت وشدته في تحديد العتبة المطلقة لهذا الصوت. فمثلا إذا كان هناك صوت ينبعث لمدة 50 مللي ثانية، وكانت شدته تعادل 10 ديسيبيل فإن عتبته المطلقة تعادل العتبة المطلقة للصوت الذي تبلغ مدة انبعاثه 100 مللي ثانية، وشدة 5 ديسيبيل. أما الأصوات التي تزيد مدة انبعاثها عن 200 مللي ثانية فإن هذه المدة لا تؤثر على العتبة المطلقة لإدراك هذه الأصوات.
وتتحدد شدة الصوت بعدد النغمات المكونة له حيث تختلف شدة الصوت الذي يتكون من نغمة واحدة عن شدة الصوت الذي يتكون من عدة نغمات نقية والتي يطلق عليها نغمة مركبة أو معقدة. ولذلك فإنه في حالة سماع الأذن لنغمة مركبة فإن الجهاز السمعي يقوم بجمع الاستجابات العصبية للنغمات النقية المكونة للنغمة المركبة ثم يصدر لها استجابة مركبة تتحدد شدتها من مجموع شدة النغمات النقية المكونة للنغمة المركبة بشرط أن تكون الفروق بين ترددات هذه النغمات النقية قليلة لأن الجهاز السمعي لا يستطيع جمع استجابات النغمات النقية التي الفروق بين تردداتها كبيرة.
ظاهرة حجب (إخفاء) الصوت:
تتميز الأذن بقدرتها على تحليل الصوت والتمييز بين نغماته المختلفة ولكن هناك حدا لهذه القدرة على التحليل. وهنا تتضح ظاهرة إخفاء الصوت التي مؤداها: أنه إذا تصاحب صوتان أحدهما كان شديدا (عاليا)، والآخر ضعيفا (خافتا) فيمكننا سماع الصوت العالي بينما يختفي الصوت الخافت (الضعيف) في ثناياه ويُحْجب إلى حد كبير. ويرى العلماء أن ظاهرة إخفاء الصوت تعد مضادة لظاهرة تحليل الصوت التي تقوم بها الأذن الإنسانية، وأنها تدل على عجز الأذن الإنسانية عن تحليل الصوت والتمييز بين السلم ووحداته التي يتركب منها.
وترجع ظاهرة إخفاء الصوت من جهة لأن تذبذبات الصوت العالي تمتد على الغشاء القاعدي الذي يوجد في القناة القوقعية لمسافة أطول من مسافة امتداد ذبذبات الصوت الخافت على هذا الغشاء، وهذا بدوره يؤدي إلى ضعف ذبذبات الصوت الخافت على الغشاء القاعدي واختفائها تحت تأثير ذبذبات الصوت العالي، ومن جهة أخرى تعمل الخلايا الشعرية التي تستجيب لتنبيه الصوت الخافت عن الاستجابة لذبذبات نغمات الصوت الضعيفة، ومحصلة ما سبق أن الأصوات الخافتة تختفي تحت تأثير الأصوات العالية.
ولقد بينت الدراسات العلمية التي أجريت في هذا المجال أنه كلما زادت شدة الصوت زادت قدرته على إخفاء الأصوات الضعيفة المصاحبة له لأن الصوت العالي نظرا لأنه الأشد فإنه يجعل الغشاء القاعدي يهتز لمدة أطول وبقوة أشد من اهتزازه للصوت الخافت، ولذلك تقوم الأصوات العالية (الشديدة) بحجب الأصوات الخافتة (الضعيفة) المصاحبة لها، وعندما ينبعث أحد الصوتين العالي أو الخافت من مصدره قبل الآخر ف‘ن عملية الحجب تكون ضعيفة، ولكنها تكون أكثر وضوحا عندما ينبعث هذان الصوتان من مصدريهما في آن واحد حيث يصعب على الجهاز السمعي في هذه الحالة أن يميز نغمات الصوت الخافت التي تنحجب في ثنايا نغمات الصوت العالي.




نور النهدي
أخصائية تأهيل نطق



Y]vh; hgw,j hguhgd ,hgohtj