على الرغم من أنه أقرب للمواضيع الأدبية , إلا أنني أحببت أن أضعه هنا , وهو في محاوله فهم أو تصور لأمور قد تبدو قريبة من بعضها البعض .

السعي إلى الكمال



في جلسة تحت ظل شجرة العنب , والعناقيد تتدلى في دلال , والأوراق تتمايل في طرب و حبور, والنسيم العليل يهب رويدا ً رويدا ً , ليضف على الجلسة طابعا ً خاصا ً , قاهرا ً بذلك حرارة الجو التي أخذت بالازدياد.....
المهم أنني كنت جالسا ً في سرور , و من حولي تناثرت أصناف الزروع , كل بألوانه و تشكيلاته يريد أن يكون سيد الحاضرين, و بجانبي فنجان من الشاي يفوح مسكه , ويتألق لونه .
المهم في الموضوع أنني أردت أن أتأمل في خلق الله , فقررت أن أسمع بعينيّ قبل أذنيّ........
كل شيء أمامي يتكلم بلغته الخاصة , سواء عن طريق تشكيله , أو ألوانه و تدريجاتها في نفس النبات , أو حركته التي تخضع لحركة النسيم , فحيث ما اتجه اتجه .
حاولت أن أخترق ما وراء الحجب , حاولت أكثر فأكثر فأكثر , و فجأة سمعت صوت كلام يهمس في أذنيَّ , لم أتبينه في البداية , فأصغت السمع أكثر فأكثر و اتضح الصوت , سرت في البداية رعشة في جسدي ,
فقلت وأنا أحاول الحفاظ على رباطة جأشي : بسم الله الرحمن الرحيم , من الهامس المجهول.
فأجاب الصوت معرفاً عن نفسه : أنا هواء عليل , أرد الروح للعليل , أسري في كل البقاع على مهل, و جئت أساعدك فقل.
فأجبت : ألنسيم فم و لسان ؟ , أم أنني في غير مكان ؟,إن ذاك من عجائب الزمان, ألست على الأرض ,أ م أنني في عالم غير عالمي ؟!!
- أنت على الأرض و لكن في غير كيان , أنت الآن تسرح في عالم الخيال , حيث يغدو كل شيء مختلفا ً, و منفلتا ً من أي عقال .
- كيف ذلك ؟
- في عالم الروح لا يوجد حدود ,و الروح متحررة من كل القيود, حاول أن تتصرف و كأنك نائم , أي حاول أن تتخلص من سلطان المادة, حيث أن للروح خواص فريدة ,تتعدى نطاق العقول حتى الرشيدة ,و لذلك قال سبحانه و تعالى " و يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا " صدق الله العظيم
- صدق الله العظيم
ساد صمت لفترة قصيرة كأنني كنت أحاول أن أستوعب ما قد حدث ,أو أنني مسرور و قد أحسست بحلاوة عبادة التفكر , لم تطل فترة الصمت , أو أنني لم أشعر بمرور الوقت, حيث أن الصوت عاد قائلا ً : سأساعدك في التفكر كي يكون دليلا ً لك في المرات التالية .
فقلت : الله يعطيك العافية , و شكرا ً جزيلا ً .......
- حسنا ً ماذا ترى من حولك ؟!.
- أرى سماء صافية , و غيوم تتسابق في السماء , و نباتات قد تنوعت ألوانها , وتنوعت أشكالها , في لوحةٍ من إبداع رب العالمين , و قد أخذ كل شيء رونقه , والثمار التي تتدلى مغرية الرائين بقطافها , إن كانت هذه هي الدنيا فكيف الآخرة ؟.
- نسيت شيئا ً هاما ً.
- وما هو ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
- نسيت أهم شيء ألا و هو الهواء , هذه المادة التي خلقها الله و جعلها أرخص شيء , و أثمن شيء في الوجود , هل تعرف ما تركيبه ؟
نظرت نظرة استغراب و تفرست جيدا ً في اللا شيء أمامي ,أو هكذا حسبته .
فقلت : أدَرْسُ كيمياء أم علوم طبيعية ؟! , يمينا ً و يساراً إذا وضعتها في المنتدى لتنهال الكلمات و اللكمات علي من جرائها , و الحمد لله أنني أرويها من وراء المسافات , و إلا سيحدث لي مالا يحمد عقباه ...
فأجاب : الأمر ليس كذلك , و في المتابعة ستتعرف إلى سرّ لطيف من أسرار الوجود , و الجود من الموجود.
- حسنا ً حسنا ً ... يوجد أوكسجين و بخار الماء و آزوت و غازات نادرة و عناصر أخرى و مركبات متنوعة تجسد بمجموعها ذاك العطاء الرباني , الذي لو قطع عنا دقائق لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة لحدث مالا يحمد عقباه .
- صدقت , وسأتركك تستنتج الرابط العجيب بينها و بين الوجود , وسأراك في فترة لاحقة لأرى ما استنتجت , و الله ولي التوفيق .
إييييييييييييييييهههههههههههههههههههه... ....... ما الرابط العجيب بينها , أدرك أنها كلها مخلوقات , ولكن ما الرابط العجيب .
- حسنا ً حسنا ً ... يوجد أوكسجين و بخار الماء و آزوت و غازات نادرة و عناصر أخرى و مركبات متنوعة تجسد بمجموعها ذاك العطاء الرباني , الذي لو قطع عنا دقائق لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة لحدث مالا يحمد عقباه .

- صدقت , وسأتركك تستنتج الرابط العجيب بينها و بين الوجود , وسأراك في فترة لاحقة لأرى ما استنتجت , و الله ولي التوفيق .

إييييييييييييييييهههههههههههههههههههه... ....... ما الرابط العجيب بينها , أدرك أنها كلها مخلوقات , ولكن ما الرابط العجيب .

هل من المعقول أنه يشير إلى الأبعاد الكبيرة نسبيا ً بين عناصر الذرة الواحدة , والتي تقارب نسبيا ً الأبعاد بين عناصر المجموعة الشمسية ....

أم لعله يشير إلى التركيب الذري للذرات من الكترونات وما إلى هنالك , الحقيقة بدأت الأفكار تتسرب إليّ وكأنني في امتحان , و بدأ التحدي , و أخذت الخواطر تتضارب مع بعضها في ذهني , وازداد التسارع في الأفكار , وتزاحمت في مركز القرار , حتى بدا لي أنني لا أفكر أو أنني أفكر في كل شيء دفعة واحدة .

و بحركة لا إرادية رشفت رشفة من الشاي , وأخذت أنظر إلى الأفق البعيد محاولا ً تهدئة نفسي و أعيد تفكيري إلى وقعه الرتيب خطوة بخطوة ...

حسنا ً , الأكسجين مثلا ً لديه ستة الكترونات سطحية فماذا يفعل ( لطفا ً إخوتي بلا ملل كدت أنتهي من هذه الفقرة المعذبة ) , إنه يقوم بملء طبقته السطحية بطرق متعددة , لا مشكلة في ذلك , فتشت في العناصر التي أعرفها بشكل سريع , ثم تذكرت قول أستاذي , إنها تسعى لتكتسب بنية الغاز الخامل أو لنقل النادر , توقفت أمام هذه الكلمة ( تسعى ) و تذكرت اللانهاية في الرياضيات , ولفظ تسعى أي تحاول الوصول دون أن تصل , الأمر كذلك بالنسبة لكل شيء , حسبما توصلت إليه .

غمرتني النشوة بما توصلت إليه , حاولت إسقاطها على كل شيء , الأعداد , الحيوانات , النجوم و المجموعة الشمسية ...

فمثلا ً القمر يدور حول الأرض , و الأرض حول الشمس , والتي بدورها تدور حول مركز المجرة , التي تدور حول مركز الكون , و لا ادري ما بعدها , كل شيء يدور حول أمر مركزي الإنسان كذلك إما ان يتدرج ساعيا ً للكمال البشري المتمثل بأنبياء الله المصطفين ,

أو أن يتدرج في الكمال الشيطاني المتمثل بإبليس اللعين ,أعاذنا الله منه .

و الإلكترون يدور حول الذرة التي تسعى لتكون للكمال الذري المتمثل بالغاز النادر ,و إمتلاء طبقتها السطحية, بما قدرت عليه , حتى أنها قد تتحمل أوزانا ً زائدة ( في حالة كونها ذرات مستقبلة ) , كما أنها قد تضحي ببعض إلكتروناتها من أجل الوصول إلى الهدف الذي تسعى إليه ,

ألا و هو الكمال الذري . فما بال الإنساااااااااااااااااااااااااان ؟؟؟؟؟؟؟؟!..........

أي لكل مركز يستند عليه و يكون به طريقه , و لكل مثله الذي يسعى له , ولا يدركه , وإنما يستطيع التقرب منه بقدر ما أمكنه .

و في النهاية الكل يسعى لرضا الكمال المطلق ألا وهو الخلاق الكريم, الله رب العالمين , المتحكم بكل شيء , بلا إستثناء , الإله الذي يحيط بكل شيء , و منه نستمد الراحة والأمل , وكل ما هو حسن , منه نستمد القدرة للرقي في الكمال البشري , بما يتناسب مع طبيعتنا .

فسبحان الملك القدوس , رب الملائكة و الروح .


أوسم الشيخ ديب


hgsud kp, hg;lhg hg;ghl