أثر المبيدات على الإنسان و البيئة

استخدم الإنسان معطيات العلم الحديث لزيادة الإنتاج وتحسينه بهدف تأمين الغذاء، وأدت هذه المعطيات إلى خلل خطير في التوازن البيئي، مما أدى إلى ظهور العديد من المشاكل التي لم يكن متوقعاً ظهورها، منها ما أضر بالإنسان ومنها ما أضر بالطبيعة.

ووفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن الآفات الزراعية تسبب خسائر بالغة للمحاصيل الزراعية تبلغ 35-40%، وتُعد الحشرات من أخطر أنواع هذه الآفات، إذ سُجل منها نحو 10 آلاف نوع، كما يوجد نحو 30 ألف نوع من النباتات تندرج تحت اسم الأعشاب، منها 1800 نوع تسبب أضراراً اقتصادية هامة وخطيرة على المحاصيل الزراعية. ولهذا لجأ الإنسان إلى العديد من الوسائل لحماية محاصيله من الآفات، فاستخدم نبات العنصل لمكافحة القوارض، والكبريت لمكافحة الحشرات، كما استعمل الأعداء الحيويين، واستخدم أيضاً المبيدات الكيميائية للقضاء على هذه الآفات، إلا أن هذه المبيدات تركت آثارها السلبية الكبيرة على الطبيعة والإنسان، وألحقت الأذى بالأعداء الحيويين، فتقلصت أعدادهم. فما هي هذه الأضرار؟ وما هي الوسائل التي يمكن أن تحد من خطورتها؟

المشاكل الناتجة عن استخدام المبيدات

تُعد المبيدات الزراعية مواد سامة لا يمكن إنكارها. وكما أن لهذه المبيدات جوانب إيجابية في القضاء على الحشرات، فإن لها آثاراً سلبية غير مرغوبة على البيئة وصحة الإنسان والحيوان والنبات.

ومن أهم هذه الآثار على الإنسان وصحته الحالات الكثيرة الناجمة عن تسمم المواد الغذائية نتيجة استخدام المبيدات إضافة إلى التأثيرات السرطانية، فقد ثبت أن العديد من الكيماويات الزراعية لها تأثيرات سرطانية على الإنسان، ولها أيضاً تأثيرات جانبية تُحدث التشوهات الخلقية والأورام ناجمة عن تراكم المبيدات بكميات قليلة خلال فترات طويلة.

التأثيرات الجانبية على النباتات

ثبت أن معظم المبيدات المستخدمة في الزراعة لوقاية النباتات تسبب تأثيرات مختلفة جانبية، إذ تنفذ هذه المواد إلى الأنسجة النباتية، مما يترتب عليه حدوث تغيرات في تركيبة النباتات الكيميائية. ويختلف التأثير تبعاً لنوع المبيد المُستخدم وطبيعته، ونوع النبات، والظروف البيئية السائدة حول النباتات، ونوع التربة. فعلى سبيل المثال، أدت معاملة بذور القطن بمبيد الثيميت بتراكيز مرتفعة إلى نقص الوزن وعدد البذور في لوزة القطن، كما حدث نقص في استطالة بادرات القطن التي عولجت بذرتها بمركب الدايستون وحدث تأخر في إزهارها.

التأثيرات الجانبية على الكائنات الحية الدقيقة

تكمن الخطورة أيضاً في وصول المبيدات إلى التربة بسبب الإخلال بالتوازن الموجود بين مكونات الطبيعة، إذ وجدت الدراسات أن المبيدات تؤدي عموماً إلى انخفاض تعداد المجموعات الميكروبية الرئيسة في التربة (الفطريات والبكتريا)، ويؤدي هذا أيضاً إلى انخفاض نشاط الميكروبات وإنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون واستهلاك الأكسجين.

ومن المعروف أن الكائنات الدقيقة في التربة موجودة بأعداد كبيرة، وتعمل هذه الكائنات على هدم العديد من الكيميائيات مثل البروتينات والسكريات ومخلفات النباتات وغيرها، كي تستخدمها مصدراً للمادة العضوية.

التلوث البيئي

تُستخدم المبيدات الزراعية في البيئات الزراعية المفتوحة. وتصل هذه المبيدات إلى الغلاف الجوي عن طريق التطاير والانجراف، ويمكن أن تصل إلى المياه الجوفية نتيجة التسرب، ويمكن أن تصل إلى الكائنات الحية المختلفة نتيجة وجودها في مخلفات المحاصيل أو نتيجة الانتقال والتراكم في مكونات السلاسل الغذائية.

ويمكن لهذه المبيدات أن تُحدث أضراراً خطيرة لدى بعض أنواع الأسماك والطيور والحيوانات البرية، مثل: تغير السلوك، ونقص التناسل. كما تؤثر مبيدات الآفات أيضاً على نحل العسل والحشرات الملقحة الأخرى، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض معدل التلقيح في الأزهار، إضافة إلى ضعف قوة طوائف النحل نتيجة لموت عدد كبير من الشغالات التي تقوم بجمع الرحيق، ومن ثم انخفاض إنتاج العسل. ويمكن أن تظهر هذه المشكلة بوضوح أثناء الرش الجوي باستخدام الطائرات.

وتؤثر المبيدات على الأعداء الحيويين النافعين من متطفلات ومفترسات، وتؤدي إلى هلاكها بطريقة مباشرة نتيجة تعرضها لفعل المبيدات السام، إذ إنها غالباً ما تكون حساسة لها، ويكون تأثير المبيدات الشديدة السمية مهلكاً بالنسبة إلى جميع أنواع الحشرات النافعة منها والضارة.


Hev hglfd]hj ugn hgYkshk , hgfdzm