معنى الفتنه

النوع الأول: الفتن الخـــاصة ..

وهي الأمور التي تقع على الإنسان في خاصة نفسه من خيرٍ أو شر، يمتحن الله عزَّ وجلَّ بها العبد في ماله أو زوجه أو أولاده أو جاره .. وهو من سُنن الله الكونية السارية على جميع عباده لا محالة.


وتنقسم الفتن الخاصة إلى:


القسم الأول: الابتــلاء بالمصائــب ..


قال تعالى{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (*) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (*) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}[البقرة: 155,157]

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبًا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة"[رواه أحمد وصححه الألباني، صحيح الجامع (992)]


فمن حكمة الابتلاء بالمصائب:: تكفير سيئات العبد، ورفع درجته عند ربِّه جلَّ وعلا ..وتكون على سبيل الامتحان؛ ليتميَّز الصادق من غيره.


القسم الثاني: الابتلاء بالخيرات والنِعَم ..


قال تعالى{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال: 28]

ويتنوَّع الابتلاء بالنِعَم، من نعمة المال والأولاد والصحة والفراغ والشباب إلى غير ذلك من النِعَم العظيمة التي وهبنا الله تعالى لنا؛ ليبلونا أنشكر أم نكفر .. فتكون النعمة إما طريق العبد للزيادة في الدرجات، أو تكون وبالاً عليه إذا لم يؤد حق شُكرها.

القسم الثالث: فتنة الشهوات ..


وهذا ما أُبتليت به أمة الإسلام في هذا الزمان، من حب الشهوات والتعلُّق بها حتى صارت همَّهم وغايتهم .. قال تعالى{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ}[آل عمران: 14]


وهي فتنةٌ عارمة، تودي بالناس وتردي بهم بعيدًا عن طريق الرحمن سبحانه و تعالى،،

القسم الرابع: فتنة الشُبُهـــات ..


وهي قاسمة الظهر وحالقة الدين والسبب في كل بلاءٍ مهين، والسبب في كل خلافٍ وزيغٍ وضلالٍ وفُرقةٍ وكفرٍ ونفاقٍ .. فنعوذ بالله من تلك الفتنة ما ظهر منها وما بطن.


قال تعالى{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ..} [آل عمران: 7]


فأهل الزيغ والضلال يروجون لشبهاتهم المسمومة بين العامة؛ حتى يُفتن الناس في دينهم وتهتز عقائدهم وثوابتهم ..



والسبب في نشأة الشبهات:: ضعف البصيرة وقلة العلم ..

لاسيما إذا أقترن بفساد النية واتباع الهوى .. كشأن المنافقين وأصحاب البدع، الذي ما وقعوا في البدع إلا بعد أن اشتبه عليهم الحق بالباطل والهدى بالضلال .. وأكبر باعث للشُبهات في زماننا هو الإعلام الفاسد، الذي ينشر الفهم الفاسد الناشيء عن التحاكم للعقول والأهواء، فيلبسوا على الناس أمور دينهم ويقعون بسبب ذلك في الفتنة والعياذ بالله.


والطريق الوحيد للنجاة من فتنة الشبهات:: صدق اللُجأ لله تعالى وتجريـــد الاتبــاع للنبي صلى الله عليه وسلم ..


فيتمسك الإنسان بالكتاب والسُّنَّة ظاهرًا وباطنًا، ويقدمها على الأهواء وحظوظ النفس .. وفيهما نجاته.

النوع الثاني: الفتن العامة ..



وهي الفتن التي تصيب عامة الأمة، فيصبح الإسلام وأهله في بلاءٍ عظيم .. فهي فتنٌ عامة تعصف بالعباد والبلاد، فيضعف الإسلام ويهون شأن أهله وتتداعى الأمم عليهم كما تتداعى الأكلة على قصعتها .. وقد بدأت هذه الفتن منذ عهد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تزال في هذه الأمة إلى يومنا هذا.
عَن أُسَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ"هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى؟ إِنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الْفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ"[متفق عليه]


وذلك لكثرة الفتن وعمومها ..فقد كَثُرَت الحروب بعد النبي صلى الله عليه وسلم؛ مثل موقعة الجمل وصفين وغيرها إلى يومنا هذا.




وقد فُتِح الباب لتلك الفتن العامة التي تموج كموج البحر، بعد مقتل عُمر رضي الله عنه ..

عَنْ حُذَيْفَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفِتْنَةِ؟، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ، قَالَ: هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ ..


قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ" ..


قَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ وَلَكِنْ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا بَأْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا، قَالَ: يُفْتَحُ الْبَابُ أَوْ يُكْسَرُ؟، قَالَ: لَا، بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ: ذَاكَ أَحْرَى أَنْ لَا يُغْلَقَ، قُلْنَا: عَلِمَ عُمَرُ الْبَابَ، قَالَ: نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ غَدٍ اللَّيْلَةَ إِنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ وَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: مَنْ الْبَابُ؟، قَالَ: عُمَرُ.[متفق عليه]

المصدر :
http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=12955



lukn hgtjkm